التشبيهات في الشّعر وسواده وشقرته
قال يوسف بن هارون:
وليلةِ لمةٍ تبقى العيونُ ال ... روامقُ من دُجاها في ضلالِ
وكنتُ عن اللَّيالي غير راضٍ ... بحالٍ إذا جَنَتْ تغيير حالي
فلما أنْ رأيتُ اللَّيلَ شِبهاً ... للمَّتِهِ رضيتُ عنِ اللَّيالي
وقال أيضاً:
وجدتُكَ دهراً ثانياً شعرُكَ الدُّجَى ... ووجهكَ إصباح وهجركَ كالصرْفِ
فإنْ أبْغِ صبحاً كانَ خدُّكَ مُصبحي ... وأنْ أبغِ ليلاً بتّ في شعركَ الوحْفِ
وقال عبادة:
كلَّما مسْتِ في الرَّداءِ توارتْ ... بقناعٍ غزالةُ الأبراجِ
أوْ تمشَّت بحاسرِ الرَّأسِ أوفى ... مَلك للملاحِ منْ غير تاجِ
وكأنَّ التفافَ شعرِكِ جعداً ... فوقَ وجهٍ يضيءُ ضوء السّراجِ
طَبق مُكفأٌ من التِّبرِ محضاً ... تحتَهُ للعيونِ لعبَةُ عاجِ
وقال علي بن أبي الحسين:
أَرَى صباحاً منيراً فوقَ جبهتِهِ ... ليل كأنَّ دجاهُ حالكُ السَّبَجِ
وروضةً طلعت فيها لأعيُننا ... ورد تفتَّحَ بين السَّوسنِ الأرِجِ
وقال سليمان بن بطال المتلمّس الفقيه:
وشادنين ألمَّا بي علَى مقةٍ ... تنازعا الحسنَ في غاياتِ مُستبقِ
كأنَّ لمَّةَ ذا منْ نرجسٍ خُلقتْ ... علَى بهارٍ وذا مسك علَى وَرَقِ
وحكَّما الصبَّ في التَّفضيلِ بينهما ... ولم يخافا عليه رشوَةَ الحَدَقِ
فقامَ يدلي إليه الرِّيم حجّته ... مبيناً بلسانٍ من منطلقِ
فقال وجهيَ بدرٌ يستضاءُ بهِ ... ولونُ شعريَ مقطوع من الغَسَقِ
وكحلُ عينيَّ سحر للنُّهى وكذا ... ك الكحلُ أحسنُ ما يُعزى إلى الحَدَقِ
فقال صاحبه أحسنتَ وصفَك لكن ... فاستمع لمقالٍ فيَّ مُتَّفقِ
أنا علَى أُفقي شمسُ النَّهار ولم ... تغرُب وشُقرةُ شعري شُقرةُ الشَّفقِ
والشَّمسُ لولا سناها لم يكنْ شفق ... يبدو إذا ما ألمَّ الليلُ بالأُفقِ
فضلَّ ما عِبتَ في عينيَّ من زَرَقٍ ... إنَّ الأسنَّةَ قد تُعزَى إلى الزَّرَقِ
قضيتُ للمةِ الشَّقراءِ حينَ حكتْ ... لوني كذا حُبُّهُ يقضي علَى خلقي
فقامَ ذو اللمَّةِ السَّوداءِ ترشُقُني ... سهامُ أجفانِهِ من كثرةِ الحَنَقِ
وقال جُرْتَ فقلتُ الجورُ منك على ... قلبي ولي شاهد مِن دمعيَ الغَدِقِ
فقلتُ عفوكَ إذْ أصبحتُ متَّماً ... فقالَ دونكَ هذا الحبلَ فاختنِقِ
وقال يوسف بن هارون:
ومحيِّرِ اللحظاتِ تحسبُهُ لحي ... رتهنَّ مِن سِنةِ المنام مُنبَّها
وبياضُهُ في شقرةٍ فتقارنا ... حسناً بلا ضدٍّ فكانا أشبَهَا
كسلاسلِ الذَّهبِ المورَّسِ فوق وج ... هٍ من لجينٍ بالملاحةِ قد زَهَا
وكذا الصَّباحُ بياضُهُ في شقرةٍ ... فكأنَّهُ بهما غَدَا متشبِّها
وإذا بَدَا التَّوريدُ في وَجَناتِهِ ... فكأنَّه صرْفُ المُدامةِ في المَهَا
وقال أيضاً:
فأبديت وجهاً تحت ترجيل لمة ... فكان كبدر تحت ليل مرجل
ومثله بالبدر أيضاً حقيقةً ... بغالية صرفٍ أدقُّ ممثل
عذاران خطا فوق وجهك زينةً ... عليه وحباً للعذار المعجل
وقد طر منها شاربٌ فوق مبتسمٍ ... كغصن عقيقٍ باللآلي مكلل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق