التشبيهات في المغنين
قال أحمد بن عبد ربه:
رجعُ صوتٍ كأنَّه نظمُ درٍّ ... ما يَرَى سلكَهُ سوى الآذانِ
تنفثُ السّحرَ بالبيانِ من القو ... ل ولا سحرَ مثلُ سحرِ البيانِ
وقال يوسف بن هارون:
تلثمُ الأوتارَ منها بناناً ... يعدلُ الأفواهَ إلاَّ الرّضابا
تسبقُ الأبصارَ من وحيِ صوتٍ ... تحسبُ التَّرجيعَ منهُ انتهابا
مثلما طار الجفونُ اختلاجاً ... أوْ كما شقَّتْ بروقٌ سحابا
وقال علي بن أبي الحسين:
واهاً لذاكَ الغناءِ منكِ لَقَد ... أباحَ للقلبِ منك ما خافا
تاه بألحانِهِ علَى البصرِ ال ... سمعُ وهزَّ السُّرورُ أعطافا
كأنَّه والقلوبُ تألفُهُ ... أُلِّفَ منها فسرَّ أضعافا
وقال أيضاً:
أَحببْ ببدعةَ إذْ أحيتْ بدائعها ... ما ماتَ من لهوِ أيَّامي وأوْطاري
كأنَّ عودكِ صبٌّ يشتكي ... ألَمَ البلوى وألفاظُهُ ترجيعُ أوتارِ
مضرابُهُ باحثٌ عن شجونا أبداً ... بحثَ العواذلِ عن مكتومِ أسرارِ
كأنَّهُ قلمٌ في كفِّ ذي أربٍ ... يواصلُ الضَّبطَ في تقييدِ أشعارِ
وقال يوسف بن هارون:
علَى الوردِ منِّي إذْ تولَّى تحيَّةٌ ... وإن ما مضَى إقباله ورحيلُهُ
لقد كنتُ أُسقَى فوقه الرَّاحَ فوقنا ... من اللَّهو ظلٌّ لا يزولُ ظليلُهُ
وأوتارُ مخضوبِ البنانِ كأنَّها ... حَمامٌ وصبري حين ضلَّ هديلُهُ
وقال أبو عثمان السرقسطي الملقب بالحمار:
لا عيشَ إلاَّ في المدامِ وقينةٍ ... تشدُو علَى وَتَرٍ فصيحٍ ألثغِ
تُعنَى بتقديرِ الزَّمانِ ومسحِهِ ... فيجيء بين مُملأٍ ومُفرَّغِ
وكأنَّما نغماتُها في لفظِها ... ذَهَبٌ أُسيلَ علَى لجينٍ مُفرَغِ
وإذا نظرتَ إلى محاسنِ وجهِها ... ناديتَ يا قمرَ السَّما لا تبزُغِ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق