بعد زوال حكم المعتمد بن عباد وحبسه رأى بناته يوما ً جائعات حافيات عاريات في يوم العيد، بعد أن كان المعتمد حاكماً في قرطبة عاش في عزة الملك، ورفاهية العيش، وأثناء سجنه في (أغمات) زاره بعض بناته في أحد الأعياد، فقال قصيدة رائعة تحكي واقعه، وفي ذلك عبرة وهي أن الأمور وتصريفها لله تعالى فيهب الملك لمن يشاء وينزعه ممن يشاء فتقلبات الدهر ظاهرة على الناس في كل زمان ومكان وما هي عنا ببعيد:
فيما مَضى كُنتَ بِالأَعيادِ مَسرورا
فَساءَكَ العيدُ في أَغماتَ مَأسورا
تَرى بَناتكَ في الأَطمارِ جائِعَةً
يَغزِلنَ لِلناسِ ما يَملِكنَ قَطميراً
بَرَزنَ نَحوَكَ لِلتَسليمِ خاشِعَةً
أَبصارُهُنَّ حَسراتٍ مَكاسيرا
يَطأنَ في الطين وَالأَقدامُ حافيَةٌ
كَأَنَّها لَم تَطأ مِسكاً وَكافورا
لا خَدَّ إِلّا تَشكّى الجَدبَ ظاهِره
وَلَيسَ إِلّا مَعَ الأَنفاسِ مَمطورا
أَفطَرتَ في العيدِ لا عادَت إِساءَتُه
فَكانَ فِطرُكَ لِلأكبادِ تَفطيرا
قَد كانَ دَهرُكَ إِن تأمُرهُ مُمتَثِلاً
فَرَدّكَ الدَهرُ مَنهيّاً وَمأمورا
مَن باتَ بَعدَكَ في مُلكٍ يُسرُّ بِه
فَإِنَّما باتَ بِالأَحلامِ مَغرورا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق